Tuesday, May 8, 2007

بياع

المكان: شبه حديقة في وسط المدينة، تناثرت بها شجيرات رمادية بائسة، تحقد على قَدَر اغتصبها نعمة الصمم، فعاشت تحصي أبواق السيارات وصرخات الحياة من حولها، لعل يقربها هذا من النهاية. في وسط المكان مائدة خشبية صغيرة معوقة، يأمل أحد أطرافها الأربعة في ملامسة الأرض، وعلى المائدة كوبين من عصير برتقالي اللون لم يمسه أي من الفتي والفتاة الجالسين.

امتدت يد الفتى لتساعد بقايا الطلاء على الانفصال عن المائدة. التفت إليها وتفوه ببعض الكلمات. نظرت إليه صامتة. ابتسم وتفوه بمزيد من الكلمات اعترضها اقتراب شبح هزيل اختلط لون جلبابه البني بملامح وجهه. أمال الرجل الهزيل صندوق خشبي باتجاه الفتى ليعرض ما به من بضائع. أشاح الفتى بوجهه عنه معرضاً. حاول مرة أخرى، فهز الفتى رأسه بضيق صدر مصراً على إعراضه. التقطت اليد التي اعتادت خيبة الأمل شيئاً من الصندوق ليعرضه على الفتاة، فتلقى نظرة غضب من صديقها جعلته يستدير ويبتعد في خطوات ثقيلة، فبدا كأنه يمشي في سائل لزج يحيط به وحده.

التفت إليها وتفوه بالمزيد والمزيد من الكلمات، مصحوبة بابتسامة عريضة، وحركات استعراضية من اليدين، ولمسة يد بدت عفوية وإن لم تكن. نظرت إليه وقالت: "لأ شكراً مش عايزين".

1 comment:

حسن ارابيسك said...

بياع ( فعلاً أحد طرفي العلاقة. بياع )
علاقة غير طبيعية غير مريحة علاقة تفتقد إلى الإنسجام
علاقه غير واضحة إنعكس ذلك في مكان شبه حديقة أشجارها رمادية
وعلاقة لاتمتلك من القوة شئ فأشجارها متناثرة والتناثر هنا ضعف شديد في هذه العلاقة
علاقة تنتظر نهايتها ونستشعر ذلك من .. إغتصبها.. صرخات الحياة .. النهاية
علاقه غير سوية غير متوازنة ونرى ذلك في مائدة خشبية معوقة
ونجد في تلك العلاقة أيضا الإدراك المباشر أو غير المباشر في الكشف ونزع الأقنعة ونزع ما تبقى من تلك العلاقة ولخصته الكاتبة ببيراعة في جملتها البليغة .. امتدت يد الفتى لتساعد بقايا الطلاء على الانفصال عن المائدة
وبالتالي فهي علاقة لم تحظى بمباركة أي من الطرفين ولم يرضى عنها إي منهما بعد ودلت الكاتبة على ذلك في .. كوبين من عصير برتقالي اللون لم يمسهما أي من الفتى والفتاه
وأنا من وجهه نظري ان الكاتبه ربطت بين الفتاة والمكان شبه الحديقة التي إغتصبها القدر نعمة الصمم
ولقد رأين هذه في الفتاة وهي صامته لاتتكلم ترفض من داخلها مشاركته الحوار تنصت فقط ليس حباً بل لأن القدر حرمها نعمة الصمم فهي حالها حال المكان شبه الحديقة
وتختصر الكاتبة مجمل تلك العلاقة الضعيفة في الشيح الهزيل الذي إعتادت يديه على خيبة الأمل
وفي النهاية ونهاية القصة ونهاية العلاقة وضعت الكاتبة نهاية تلك العلاقة على لسان الفتاة
حينما قالت . لا شكراً مش عايزين .. فكان روعة إتجاه الجملة هنا ليس إلى البائع كما من المفترض في سياق أحداث مشاهد القصة .. بكل كان في الإتجاه المعاكس لمن إمتدت يده لتساعد بقايا الطلاء على الإنفصال عن المائدة.
شكراً للكاتبة على هذه الروعة