لا يصدقني البعض عندما يسألوني عن عدم استمراري في العيش في أمريكا حيث يأكلون الكباب مع الطحينة، وأرد ببساطة: أولاً، "البط المحشي " واللي بتعمله ماما في حالات خاصة جداً ، لما نكون كلنا موجودين أو أول يوم رمضان، أو لما اتحايل عليها أوي وأحسسها بالذنب وتأنيب الضمير وغلطها في حق البشرية و كل أبو ريش. والبط لابد وأن يصاحبه على الإيقاع حلة المحشى والبطاطس السوتيه، وفي حالة الرضا الغامر تبقي صينية رقاق.
أما عن السبب الثاني، ولو أن في رأيي السبب الأول كافي جداً، هو الشمس. فلقد اكتشفت بالطريقة الصعبة أني كائن شمساوي بالدرجة الأولى، أعيش بالشمس، أعشقها، أنتظرها، أتنفسها. في رأيي أن الشمس لها شخصية مرتبطة بالمكان، وأنا أرى نفسي في هذه الشمس، فهي تشبهني إلى حد كبير. وبما أني—والحمد لله وربنا يديمها نعمة—موظفة ولا أرى الشمس إلا في المناسبات والويك إند، فطبعاً يوم الجمعة الصبح ده مقدس، والروتين العادي إني أصحى الصبح أفطر البيض المسلوق والمحمر "أ لا ماما"، وأتفرج على "Desperate Housewives"، وأروح العزبة.
الجمعة اللي فاتت اختلف الروتين، وقررت أفطر "بايجل" مع رحاب في المعادي. إشمعنى بايجل؟ أسباب مش عارفاها لحد دلوقتي. المقلق إن البايجل كان عليه جبنة لونها بنفسجي. أتمنى فعلاً أن تكون توت بري كما زعم البائع. يومها كنت في نص هدومي لما رحاب عرفت أن مهاراتي الإنترنتية يا دوب زي علاقتي بالشعر الصيني بظبط. حطت رحاب اللينكات كلها على كتفها، وأخذت تحفر وتردم في هذا البلوج، لحد لما بعد السفلتة طلع بالشكل الجميل ده. يومها أهدتني رحاب كوفية بلون غزل البنات، وقالت لي: "علشان تدفيكي طول الشتا". كوفية بلون غزل البنات ريحتها فراولة. ابتسمت وفكرت: ليه كل شمس مش زي الشمس دي؟ وليه كل يوم جمعة مش بطعم غزل البنات وريحة الفراولة؟ نظرَت إلى الشمس وتنفست.